جمود...فتور...إحساس بمشاعر قد عفّرها ترابُ الزمن...وصمتٌ رهيب صار سيداً...فهل فاتها الحب مودعاً؟!!!....أم قتلت فيها الأحزانُ الحنانَ ورَوَتْ فيها السواد؟!!!.....لا تعلم ...أو حتى لا تكاد تذكر شيئاً...كل ما تذكرهُ هو أنها كانت نهرَ عطاءٍ دافئ...يعطي عطاءَ البقر...بلا حدود... ولا ينتظر المقابل...ولكنه الآن ما هو إلا نهر جليدٍ متجمد...كتلة واحدة...نسي العطاء...لا تؤثر فيه المشاعر الدفيئة...كلما اقتربت منه ناراً حوَّلها إلي رياحٍ ممطرة ...وبردٍ قارص...وعواصفٍ برقيَّةٍ ورعديَّةٍ...ومطرٍ ينسال...وغيومٍ تتكاثر فتزدحمُ...وتزدحمُ...حتى تدحضَ الرؤية...وتزيد الظلامَ سواداً وظلمة...وتُبْعِدُ الأمَلَ ببُزُوغِ الفجر...فينفطرُ القلبُ حزناً وهماً...
كلما أدارت وجهها للمرآه لتنظر لما بداخلها...تطمئن علي حياةِ "سنو وايت" ...فترى سواداً...دماً قد جفَ...ولربما هو كان في الأصل أسوداً...والجلاَّدُون كُثُرُ...فتبحثُ بداخلها عن "سنو وايت"...أين هي؟!!!...فتبحث وتبحث ...لقد تاهت في الغيوم...ضاعت في ليلٍ ليس له نهار...وكُتِبَ علي جبينها العيشُ في التيه...
تفيض منها الدموع...أمطار غزيرة ...كالسيول...عَرِمٌ مُتَكَرِّر ومتواصل...وربما يكون تسونامي قلبها...
ولكن ماذا عن أقاويلهم؟!!!…قالوا "إن الدموع تغسل الفؤادَ وتمحو السواد…وتُحَنَّنُ القلوبُ وتُنَيرُ الدروب”
ولكن مابالُ دموعِها تزيد سوادها سواداً…وتحول قلبها حجراً بعد أن كان أطيبَ القلوبِ وأحنَّها…وتقتل فيها كل إحساس برئ...وتظلم الدرب وتنشر التيه...فتزداد علي حالها بكاءاً...
ليست من يعرف أين المؤنس؟!!!...أو ليست من تشعر بما حولها...كل ما حولها ما هو منها إلا بمثابة الثلاثين من فبراير...كل جوارحها وذهنها هناك...في بعيد المكان...قريب العقل والوجدان ...أنيسها الوحيد...تحبه وتعلم بحبهِ لها...ولكن هناك حوائل...هناك أسوار وجبال...وهوج أمواج بحار...أمواج تلتهم الهواء...ولكن ماذا إذا شعر بحبها؟!!!...ستختفي الحوائل وتزول الأسوار وتنحني الجبال...وتهدأ البحار...وتضمهما أمواجها رغم قسوتها...وتدفئهما بحبها رغم برودتها...ولكن هل لشوقِها بالوصول؟!!!…
تنحدر دموعها...عبرةللخارج...تحفر مكانها مجرى علي الضفتين...ولكن ما مانعٍ لها من الحرق...تَمُرٌّ مَرَّ الجَمْرِ علي خديها...فهل سيصيران مجرى للجليد؟!...وأخرى للداخل...قربت و قربت من الفؤاد...إن وصلت...ستكون العَبْرَةَ التي قسمت قلب جميلة الجميلات...وقتلت فيها الحياة...وغيرت مجرى مياهِها العذبة...نحو طريق المجهول...
تتسلل من عروقها...فتشعرها بوجع يجذبها من كل عِرْقٍ بلا رفقٍ ولا هونِ...ولكن ماذا بيدها لتصنع؟!…دموع تحرق داخلاً وخارجاً..وسوادٌ يزداد…وصفيرُ الصمت يقتل فيها طفل الذكريات الجامحة…ألا من أحد يسمع هذا الصفير فينجدها؟!!!...أو حتى يسمع صرخاتها؟!!!...تنادي...وتصرخ...وما من مجيب...ولا يزال الصمت سيداً...يضيق بها الوقع...أسيرة هي...لا تعرف أين السجان...أو حتى مخرج السجن...فالجدران متشابهة...تقترب من بعضها...وهي في المنتصف...تقترب الجدران...وتضيق القضبان... وتضيق الزنزانة...والاختناق هو مفرها الوحيد...ملاذها وملجأها... فتختنق وتختنق...وتزداد الجدران في الضيق...حتى تجاوزتها...صارت جدران الزنزانة بداخلها...ولكن قلبها مازال أسير الجدران...صارت حائلاً منيعاً وسداً حصيناً بينه وبينها...زنزانة مغلقة لا باب لها ولا نافذة ولا حتى ثقب إبرة...سوداء مظلمة ومُتَاحٌ فيها كل أنواع التعذيب بلا استثناء.......
أما الآن...فهي لم تَعُدْ تجد الدموع...فدمعت عيناها وتغرغرت بالدموع من الخوف...فكلما دمعت عيناها...ضحكت...فيزداد خوفها...فتزداد في الضحك...فتضيق الزنزانة...ويزداد تجاذب الجدران...فينفطر القلب ألما...فتبكي وتصرخ...لكن ما من مجيب...سوى الصمت...والحزن والخوف والدموع والأنات والآهات...والجدران والاختناق...ولكن...لكنها مازالت تنتظر ذوبان الجليد...وتدري أن بعد العسر يسراً...ولابد لليل من نور يبيد جحافل الظلام...و"يا قدسُ عليكِ السلام"..............
-2007-